موؤ س سة كونراد أديناور التعاون الأوروب ي والد ولي الد يمقراطي ة الم سيحي ة المبادئ والت شكيل ال س يا سي دليل التعاون الأوروب ي والد ولي لموؤ س سة كونراد أديناور نقله عن الألماني ة الهادي ون ا س ومنير الفندري
النا شر : موؤ س سة كونراد أديناور.Konrad-Adenauer-Stiftung e.v 10907-10907D Berlin /برلني ألمانيا ابتكار امل شروع : كاتيا بالته : Katja Plate مديرة الربنامج اجلهوي للحوار ال سيا سي/جنوب القوقاز كار سنت غرابو : Karsten Grabow م سوؤول عن التعاون الدويل بني الأحزاب والربملانات التحرير : كار سنت غرابو Karsten Grabow العنوان الإلكرتوين : Karsten.Grabow@kas.de الهاتف : 3026996 49+)0( 3246 امل ساعدون : تيم كالفايت/ ايزا بيل فون غري سهامي Tim Kallweit/Isabel von Griesheim امل ؤولفون : نينو غالتي) 4-3 ( Nino Galetti كار سنت غرابو Karsten Grabow )اجلزء الأول واجلزء الثاين بال شرتاك مع منفراد أغينت ورودلف اورت س وراينهارد فيليغ والف صالن 1.3 و 2.3 بال شرتاك مع متيا س شافر( دفيد يونتان غرونفالد )2.4( Grunwald David Jonathan كري ستينه هانري-هومتاخر )3.3( Henry-Huthmacher Christine تيم كالفايت وكري ستوفر باكمان )1.4( و) 3.4 ( إىل )7.4( Beckmann Tim Kallweit, Christopher باتريك كالر وانيكا فريت س )5.3( Wirtz Patrick Keller, Anita هلموت رايفالد (6.3( Reifeld Helmut فولفغانغ شتوك )8.4( Stock Wolfgang امل ست شارون الأخ صائيون : كري ستوفر باكمان Christopher Beckmann Prof. Dr. Hanns Jürgen Küsters يورغن كو سرت س هان س أ.د. فرانك شبانغلر Frank Spengler Prof. Dr. Hans-Joachim Veen يواخيم فني هان س أ.د. Prof. Dr. Bernhard Vogel سابقا, حكومة ) إقليمية( بارنهارد فوغل رئي س أ.د..Ministerpräsident a.d كالو س فايغلت Klaus Weigelt www.kas.de
جميع احلقوق املتعلقة بهذا العمل بكامل أجزائه حمفوظة ويحجر الت رصف فيه باأي شكل كان دون موافقة موؤ س سة كونراد أديناور. وهو ما ينطبق باخل صو ص على عمليات الن سخ والرتجمة والت صوير والتخزين والت رصف فيه بوا سطة أنظمة الكرتونية. موؤ س سة كونراد أديناور تون س 2013 2013 Tunisie, Konrad-Adenauer-Stiftung e.v., طبع مب ساعدة مالية من جمهورية ألمانيا الإحتادية طبع : سنباكت - تون س 978-9973-797-12-4 ISBN
المحتوى التمهيد... 7-1 تاريخ تطو ر الدميقراطية امل سيحي ة يف أوروبا... 9-1.1 نظرية الدميقراطية امل سيحية و سيا سي ة فرتة ما بني احلربني العامليتني... 18-2.1 الدميقراطية امل سيحي ة منذ... 1945 21-2 الدميقراطية امل سيحي ة : ما املق صود بها... 37-3 سيا سة الدميقراطية امل سيحي ة يف احلا رض : حقول سيا سي ة خمتارة... 50-1.3 ال س يا سة لقت صادي ة... 50-2.3 ال س يا سة لجتماعي ة... 55-3.3 ال س يا سة الأ سري ة... 60-4.3 ال س يا سة البيئي ة... 65-5.3 ال س يا سة اخلارجية والأمنية... 70-6.3 الت ضامن الد ويل والتعاون يف جمال التنمية... 74-4 شخ صيات أوروبية بارزة حم سوبة على الدميقراطية امل سيحية... 79-1.4 كونراد أديناور... Konrad Adenauer 79-2.4 لودفيج ايرهارد... Ludwig Erhard 84 90... Alcide De Gasperi دي غا سباري أل سيدى - 3.4-4.4 روبار شومان... Robert Schuman 93-5.4 هاملوت كول... Helmut Kohl 97-6.4 فيلفريد مارتن س... Wilfried Martens 102-7.4 جون كلود يونكر... Jean-Claude Juncker 104 107... Angela Merkel مريكل أجنيال - 8.4-5 امل صادر واملراجع... 113 املوؤلفون وامل ساعدون... 117
تمهيد تلعب الأحزاب الد ميقراطية امل سيحي ة منذ ع رشات ال س نني دورا موؤثرا يف سيا سة العديد من البلدان الأوروبية ويف تكري س الوحدة الأوروب ية التي عملت هذه ال س يا سة على انبعاثها و شاركت بنجاح يف حتقيقها. وبالن سبة إىل موؤ س سة كونراد أديناور التي حتمل منذ سنة إ سم 1964 أول م ست شاري جمهورية ألمانيا لحتادية فاإن قيم الدميقراطية امل سيحية والقيم التي نادى بها هذا الأخري متثل يف ذات احلني م سوؤولية والتزاما. إن املثل الأعلى الذي يحد د وجهة عملنا هو املفهوم امل سيحي ل إالن سان كمخلوق إلهي فيما يتمتع به من ت ساو يف القيمة ومتي ز شخ صيته وكرامته وما يت صف به أي ضا من نق صان. وانطالقا من هذا املبد أ ت سعى موؤ س سة كونراد أديناور يف ألمانيا و أوروبا وكافة أرجاء العامل إىل دعم الدميقراطية التحر رية و إىل الت أا سي س ملبادئ دولة القانون واقت صاد ال س وق لجتماعي. إن مبادئنا هي احلر ية والعدالة والت ضامن. إن التعاون الدويل ل يتمثل يف "ت صدير" أفكار جاهزة عن الدميقراطية التحر رية واقت صاد ال س وق لجتماعي إىل البلدان التي تربطنا بها رشاكة. بل إن الهدف من للتزام الد ويل ملوؤ س سة كونراد أديناور يكمن باخل صو ص يف امل ساهمة مع رشكائنا وعلى عني املكان يف تطوير وتثبيت الدميقراطية وقيمها الأ سا سي ة ومناهج عملها وموؤ س ساتها. قيم الدميقراطية امل سيحية من ناحية واملقاربات ال س يا سية امللمو سة واملبنية على أ سا س هذه القيم من ناحية أخرى كالهما ميثل التوج هات العام ة ل صنع سيا سة حتمل معان ودللت. وميكن اعتبار اقت صاد ال س وق لجتماعي مثال يحتذى لتجاوز النتائج الوخيمة لالأزمة املالية و لقت صادية العاملية وامل ساهمة يف حتقيق التنمية امل ستدمية يف البلدان التي جتمعنا بها م شاريع رشاكة عملية. يعطي هذا الكتي ب ملحة عن قيم الدميقراطية امل سيحي ة وعن تاريخها واملواقف الدميقراطية امل سيحي ة يف بع ض امليادين ال س يا سية املختارة. كما أنه يقدم 7
يف اخلتام عرو ضا مقتب سة من ال س رية الذاتية ل شخ صي ات أوروبي ة هام ة حم سوبة على الدميقراطية امل سيحية. وهو بالأ سا س نتاج عمل م شرتك بني العديد من الأق سام الرئي سية ضمن موؤ س سة كونراد أديناور. ويجدر به ب شكل خا ص أن يكون يف املتناول يف فروع املوؤ س سة باخلارج لإثراء م شاريعها الدولية ب أافكار الدميقراطية امل سيحية وقيمها واملقاربات ال س يا سية التي جاءت بها. ول ي سعني يف اخلتام إل أن أتقدم بال شكر إىل كل الزمالء العاملني يف موؤ س سة كونراد أديناور ن ساء ورجال مل ساهمتهم يف إجناح هذا العمل. كما Hans-Joachim Veen يواخيم فني الدكتور هان س الأ ستاذ إىل ه بجزيل ال شكر أتوج مدير البحوث ال س ابق للموؤ س سة واملدير احلايل مل ؤو س سة أيرت سبارج مبدينة فاميار و إىل الأ ستاذ الدكتور فولفغانغ شتوك Wolfgang Stock الرئي س املدير العام لوكالة ل ست شارات الإعالمية والعالقات العامة )كونفين ست )Convincet GmbH على ما تف ضال بتقدميه من م ساعدة. د.غرهارد فالر س Dr. Gerhard Wahlers الأمني العام امل ساعد ملوؤ س سة كونراد أديناور 8
- 1 تطو ر الديمقراطية الم سيحي ة في اأوروبا عبر التاريخ 1 ت عد الدميقراطية امل سيحية أول وقبل كل شيء ظاهرة أ صيلة القارة الأوروبي ة. 2 وقد ن ساأت كرد فعل على الثورة الفرن سية ل سنة 1789 وعلى احلركة التحرر ية التي انطلقت من فرن سا والتوج ه الذي نادى مبدنية احلياة ال سيا سية و لجتماعية يف أوروبا )العلمانية(. وا ستعمل م صطلح "الدميقراطية امل سيحية" لأول مر ة سنة 1791 من قبل لموريت أ سقف ليون Lamourette von Lyon خالل جل سة ت رشيعية عامة لكن يف معنى ديني بحت يف بداية الأمر. وكان املق صود منه ت صو را منوذجيا مثاليا للكني سة الأ صيلة الدميقراطية ثم وقع تو سيع ا ستعماله لي شمل التنظيم الكن سي. وكان املفهوم يهدف إىل إقامة هياكل دميقراطية و إىل إزالة النظام الرتتيبي الهرمي. ويف الفرتة املرتاوحة بني 1830 و 1848 اكت سب م صطلح الدميقراطية امل سيحية مالمح اجتماعية و سيا سية. وكان أن صاره أول الأمر كاثوليكيني راموا ربط ال صلة بني موقف الكني سة والواقع ال س يا سي. أما فيما يخ ص امل سيحيني الربوت ستانت فاإن م ساألة تطوير وت سويغ سيا سة م سيحي ة مل تطرح إل بعد سنة 1945 بعد مبادرات مرتد دة يف فرتة ما بني احلربني العامليتني. وقد كانت لهم مقاربتهم اخلا ص ة بهم ملفهوم الدميقراطية امل سيحية بحكم موقفهم املغاير من الأخالقيات لجتماعية وب سبب العالقة املتينة بني العر ش والكني سة يف الد ول ذات احلكم امللكي. وكان مرجعهم يف ذلك انرتبولوجيا لهوتية بدل من احلق الطبيعي. هذا بالإ ضافة إىل أن درجة ارتباطهم بالن شاط اجلمعياتي 1 ي ستند هذا الف صل اىل ن ص لرودلف اورت س: )2004( Uertz.Rudolf وقام باإعداده لهذا الكتيب ب صفة Yanine( ليانني دورنبو ش على امل ساعدة ويتقدم املوؤلفون بال شكر.)Carsten Grabow( غرابو: كار سنت شاملة )Dornbusch طالبة "الدرا سات الأوروبية" بجامعة ما سرتخت التي أجرت يف شهر جويلية 2009 ترب صا لدى م ؤو س سة كونراد أديناور ضمن الفريق املعتني ب سوؤون أمريكا الالتينية. 2 انظر فيما يتعلق بتاريخ ن ساأة الدميقراطية امل سيحية يف أمريكا الالتينية املراجع التالية على سبيل املثال :.Caldera (1977/2002 ; Jung (1983) ; Hennig & Weigelt (1997) 9
واحلزبي كانت دون ما كانت عليه يف الكاثوليكية. فلقد ظل ت املواقف املحافظة والدينية اخلريية و لجتماعية امل سيحية مهيمنة م سيطرة يف الربوت ستانتية. كما أن ال رصاع بني الكني سة والدولة الذي طبع العمل احلزبي لحقا مل يكن موجودا يف البلدان الأوروبية ذات الطابع الربوت ستانتي )ل سيما يف البلدان ل سكندينافية ويف بريطانيا(. فقد شهدت الدامنرك وبريطانيا منذ القرن ال س ابع ع رش حماولة لرت سيخ التعليم املدر سي فر ضا إجباريا عام ا حتت رعاية الد ولة عو ضا عن الكني سة. وكان الو ضع هنالك مالئما بحكم عدم وجود رصاعات مبا أن كني سة الدولة اللوترية والأجنليكانية كان معرتف بكليهما ك رشيك للدولة على قدم امل ساواة. لذا فاإن امل سيحيني الربوت ستانت شكلوا يف البالد املذكورة بالأحرى حتالفات مع املحافظني يف مواجهتهم ال سيا سية للقوى الليربالية وعكفوا على الذود عن النظام امللكي. هذا وقد مت ت بلورة فكرة الدميقراطية امل سيحية لأول مر ة من قبل الالهوتي الفرن سي روبار لمناي Robert Lammenais ون صرييه شارل دي مونتاملبار Henri دومينيك لكوردارDominique Charlesوهرني de Montalembert.Lacordaire وكان مرجعهم يف ذلك احلركة الد ستورية البلجيكية ل سنة 1830 التي قادها ليرباليون وكاثوليك )"فكرة لحتاد"( رافعني شعارات تنادي بف صل الكني سة عن الدولة وبحرية العقيدة واملعتقد وحرية التدري س وال صحافة والعمل اجلمعياتي. إل أن ربط ال صلة بني الدميقراطية وامل سيحية ظل قائما على ت صو رات لهوتية تقليدية ومل يقع تطوير برنامج سيا سي شامل. وقد متثل ا ستحقاق لمناي يف كونه ا ست شف باكرا الأهمية املتنامية لل شعب باعتباره عن رصا فاعال ) سيادة ال شعب( ول ساأن "امل ساألة لجتماعية" بو صفهما عاملني حا سمني يف النظام لجتماعي وال س يا سي للقرن التا سع ع رش. ويف حني ظهرت الدولة احلديثة يف بلدان القارة الأوروبية على أنها "ثورة على الإله والدين" وعلى ال س لطة املطلقة "املقد سة" التي ا ستمر ت على مدى 10
القرون ر أى لمناي أن الد ين والدميقراطية لي سا متناق ضني من حيث املبد أ بل إنهما ي شكالن قطبني متداخلني. كما أنه ا ستوعب احلرية والعدالة وامل ساواة على أنها عنا رص لهوتية ذات مفهوم ديني أخالقي مغاير لليربالية الفردانية. وكان لمناي يتطلع بالنظر إىل امل ستقبل إىل حتالف بني القوى الليربالية امل سيحية وبني الليربالية العلمانية الفردانية وهو ما مل يتحقق إىل الآن وي ستبعد أن يتحقق عن قريب. يف سنة 1862 عر ض أ سقف مدينة ماين س Mainz البارون فيلهامل اميانويل فون كاتلري von Ketteler يف كتابه "احلر ية وال س لطة والكني سة" 3 الأ سا س النظري ملوقف الكاثوليك من سلطة الدولة ومن العالقة بني الكني سة والدولة واملمار سة ال س يا سية للكاثوليك ومتثيل حقوقهم يف النظام الد ستوري. وقد دافع عن النظام الد ستوري ون صح الكاثوليك با ستخدام كل الإمكانيات ال س يا سية والربملانية والتوا صلية املتاحة لغاية امل صلحة الكاثوليكية )و سائل الإعالم مثال(. أما عمليا فقد وقف كاتلري على أر ضية املبادئ املعتدلة لدولة القانون الليربالية مت صديا حلكم الإطالق ودولة البولي س معار ضا إياهما ب "دولة القانون احلقيقية" القائمة على "احلرية واحلكم الذاتي". ومن مطالبه الأخرى نذكر : ضمان حماية احلقوق من قبل الدولة والتفريق املنا سب بني نظام الدولة ونظام احلق اخلا ص ونظام للمحكمة الإدارية وحمكمة عليا ل "الرايخ" ) لمرباطورية الأملانية( و سلك ق ضاة م ستقل. ومن هنا فاإن الأ سا س اجلوهري لدولة القانون يتمثل يف نظامها الت رشيعي و"معايري عادلة يقا س عليها وقانون عادل ت صدر وفقه الأحكام". غري أنه ف شل يف فر ض مطالبته املتمثلة يف إر ساء احلرية الكن سية كحق أ سا سي يف صلب د ستور لمرباطورية الأملانية ل سنة 1871. ومع ذلك فاإن كاتلري ميثل الكاثوليكية الليربالية يف الأنظمة الد ستورية. ويف ذات احلني اعترب الرائد حلركة إ صالح اجتماعي م سيحي. وقد حددت كتاباته إىل أواخر القرن التا سع ع رش.Wilhelm Emmanuel Freiherr von Ketteler : Freiheit, Autorität und Kirche 3 11
اخلطوط الفكرية الأ سا سية للكاثوليكية ال س يا سية كما وردت على ل سان الأع ضاء الكاثوليك يف كتل جمل س النواب بفرانكفورت ]خالل ثورة[ 1849/1848. لقد بد أ ت أا سي س أحزاب م سيحية ب أاوروبا منذ سبعينيات القرن التا سع ع رش وكانت الأ سباب مت صلة من ناحية بالقوة املتنامية للطبقة الربجوازية املتو س طة وفل سفتها ال س يا سة القائمة على املذهب الليربايل وبالثورة ال صناعية والظواهر وامل ستجدات لجتماعية التي رافقتها من ناحية أخرى. هذا ومل تكتف الليربالية برفع مطالب سيا سية ثورية كتلك املنادية بدولة قومية دميقراطية مدنية و إر ساء حق لنتخاب العام )للرجال( وتعزيز الربملانات وتاأ سي س أحزاب سيا سية. بل إن الفئات املجتمعية التي كانت وراءها صارت أي ضا إىل حد ما بالتعاون مع قوى حمافظة تناف س الكني سة أكرث فاأكرث يف م سائل التعليم والرتبية. ففي ألمانيا مثال أ صبح الكاثوليك على إثر توحيد الدولة سنة 1871 يف موقع الأقل ية. ولكي يفر ضوا أنف سهم حيال سيطرة الأر ستقراطية الربو سية الربوت ستانتية املذهب يف معظمها وامللتفة حول م ست شار "الرايخ" ب سمارك Otto von Bismarck الذي عمل على دحر سلطة الكني سة الكاثوليكية بادر نواب كاثوليك يف الفرتة 1870/1869 بتاأ سي س حزب الو سط Zentrum-(.)Partei وبينما كانت سيا سة امل ست شار الألماين متجهة نحو إر ساء نظام سيا سي أكرث مركزية يف ألمانيا كان حزب الو سط يدعم فكرة النظام الفيدرايل و إيالء الوليات الفيدرالية مزيدا من ل ستقاللية الذاتية. غري أن ال س بب الرئي سي لل رص ع مع احلكومة ومع شق املحافظني الربو سيني ومع القوى ال س يا سية الليربالية النزعة باخل صو ص كان منجر ا عن حماولت امل ست شار الألماين الرامية إىل دحر نفوذ الكني سة الكاثوليكية يف الأمور املدر سية والتعليمية و إىل إقامة قطاع تعليمي حكومي وبالتايل علماين يظل حكرا للدولة. ومل تكن الكني سة الكاثوليكية الر سمية الوحيدة التي طالبت على نقي ض ذلك با ستقاللية امل ؤو س سات الكن سية )الكاثوليكية( بل ساندتها وعا ضدتها يف ذلك أي ضا وبالأخ ص املنظمات 12
غري الكن سية يف الأو ساط الكاثوليكية ب أالمانيا. وطالب حزب الو سط بالإبقاء على املدار س الدينية وعلى ال س لطة الر وحية امل رشفة على املدار س وهكذا فقد فر ضت برو سيا الربوت ستانتية على الكاثوليك يف ألمانيا وعلى ر أ سهم حزب الو سط كحركة سيا سية " رصاعا ثقافيا" 4 )طرد طائفة الي سوعيني حتديد الر عاية الد ينية من خالل منع خطب وعظية ومواكب الزي اح إلغاء العمل بالت رشيع الكنائ سي فيما يت صل بالزواج الخ(. بيد أن هذا أدى يف نهاية املطاف إىل تنامي قوة الكاثوليكية ال س يا سية يف ألمانيا و إىل توطيد حزب الو سط املوؤ س س عام 1870 على ال ص عيد الأملاين. و إىل جانب النزاع ال سيا سي الثقايف مع الأحزاب الليربالية )واملحافظة إىل حد ما( فاإن تاأ سي س أحزاب م سيحية يعود أي ضا إىل تداعيات الثورة ال صناعية و إىل ان شغال الكني سة الكاثوليكية بو ضع العمال. وقد صاحبت الثورة ال صناعية م ضاعفات من بينها ت ضخم عدد سكان املدن وا ستفحال الب ؤو س لجتماعي وتردي أو ضاع فئات عري ضة من املجتمع. و أمام تدهور الو ضعية لجتماعية للعم ال بادرت حركات كاثوليكية اجتماعية إىل جانب منظمات أخرى ذات توجه ا شرتاكي بالتكفل باأمرهم. وتبعا للتعاليم امل سيحية اخلريية والت ضامنية م ساعدة الغري والإدماج لجتماعي كانت احلركات الكاثوليكية لجتماعية تطمح إىل حل "امل ساألة لجتماعية" عرب مكافحة أخالقية لليربالية ال س يا سية و لقت صادية. وقد لقيت هذه امل ساعي الإدماجية والتوج ه نحو أفكار تنظيمية مرتبطة بالفئات احلرفية يف القطاع اجلمعياتي الكاثوليكي ويف احلركة النقابية امل سيحية صدى ملمو سا كما أنها أثرت لحقا وب شكل حا سم يف الت رشيع لجتماعي لدول القار ة الأوروبية. 4 ]وهو الف صل املعروف يف عهد ب سمارك ب Kulturkampf واملتمثل يف رصاعه العنيف مع الكني سة الكاثوليكية يف الفرتة بني 1887-1871 بغية جتريدها من سلطات تقليدية تعد من م شمولت الدولة العلمانية املرتجم[ 13
معلومات إ ضافية : الدميقراطية امل سيحية والتعاليم لجتماعية للبابا ليو الثالث ع رش.Leo XIII اكت ست أفكار البابا ليو الثالث ع رش )1903-1878( و إ صداراته حول ال س يا سة واملجتمع أهمي ة بالغة بالن سبة إىل الدميقراطية امل سيحية لي س على امل ستوى النظري وحتديد الربامج فح سب بل وحتى فيما يرتبط بال س يا سة احلزبية وال س يا سة لجتماعية. فلقد أخرج ليو الثالث ع رش الكني سة الكاثوليكية من موقفها التقييدي والزجري الذي كر سه أ سالفه يف املا ضي )بيو س التا سع يف من شوره Syllabus errorum من سنة 1864 على سبيل املثال( جتاه الليربالية وجتاه أي شكل من أ شكال الفكر لجتماعي وال س يا سي احلديث وبذلك ت سنى للكني سة و أخالقياتها لجتماعية بع ض لنفتاح احلذر على م سائل م ستحدثة. وقد طالب هذا البابا يف منا شريه البابوية املتعلقة بالدولة )بداية من 1881( الكاثوليك يف فرن سا ويف البلدان التي ا ستتب فيها النظام اجلمهوري لعرتاف بهذا النظام. بيد أنه توخى موقفا حمايدا إزاء م ساألة ال شكل الذي تتخذه الدولة )ما يعرف بفر ضية احلياد جتاه الدولة(. كما أنه أعرب يف ذات احلني عن ا ستيائه من أن شطة وحركات للكاثوليك من ساأنها )بال رضورة( أن تدعم الدميقراطية وتطيح بالأنظمة امللكية القائمة. غري أن لعرتاف بالنظام اجلمهوري من قبل البابا أد ى من حيث املبد أ إىل ربط موقف الكني سة من شكل الدولة واحلكومة بالإمكانيات والتطورات احلا صلة على م ستوى دولة الد ستور والقانون. ويف سنة أ صدر 1891 ليو الثالث ع رش من خالل من شوره البابوي املو سوم ب "ريروم نوفاروم" : Rerum novarum حول م ساألة العمال" )1891( أول خطاب دوري للكني سة الكاثوليكية 14
ذي م ضمون اجتماعي. وقد أي د من خالله عالوة على املطالبة بالعدالة يف الأجور وبتدخل أقوى للدولة يف الدورة لقت صادية حق العمال يف التكتل والتحالف. و أقر اخلطاب باأن حماية العم ال وحدها ل تفي باحلاجة وحث بالتايل على تكوين منظمات عمالي ة م سايرة للع رص. وحيال مبد أ عدم التدخل )ما عرف بدولة "حار س الليل"( أكد املن شور على واجب الدولة يف دعم ال صالح العام. ومن هنا ميكن القول أن املن شور البابوي "ريروم نوفاروم" شك ل حتو ل كبريا يف الربامج لجتماعية للحركة لجتماعية امل سيحية )ت صو رات حلل ما عرف بامل ساألة لجتماعية أو م ساألة الت صنيع والعمال(. ولئن مل يحث املن شور البابوي ر أ سا على ت أا سي س حركات أو أحزاب سيا سية لفر ض املطالب الأخالقية لجتماعية فاإن النزوع إىل ذلك تاأتى تباعا من التحر كات الت ضامنية التي طالب بها الكاثوليك. و إىل جانب الدولة والكني سة تطرق اخلطاب الدوري أي ضا إىل التفاعل الت ضامني بني امل شغلني والعاملني بو صفهم من أكرث العوامل تاأثريا يف إيجاد حل للم ساألة لجتماعية. وبذلك ميكن القول أنه ترتبت على هذه الوثيقة لجتماعية نزعات دميقراطية ملحة يف ال س يا سة وال س يا سة لجتماعية حتى و إن جاءت بطريقة غري مبا رشة. وعلى إثر هذا اخلطاب الدوري البابوي تكو نت يف بلجيكا و أملانيا والنم سا و سوي رسا وفرن سا و إيطاليا ويف العديد من بلدان و سط أوروبا و رشقها حلقات وجماعات درا سية كثرية بهدف بلورة ت صو رات سيا سية اجتماعية مبنية على املنا شري البابوية لجتماعية والعمل يف هذا لجتاه. وبطبيعة احلال نحت هذه اجلماعات وكانت من بينها كتيالت برملانية منحى سيا سي ا أو سيا سيا حزبيا. بيد أن البابا ليو أبى أن ترتك هذه التطورات حلالها بل ولدواع كن سية و سيا سية كن سية حر ص على مراقبة التطورات ال س يا سية احلزبية واجلمعياتية 15
وح رص الأن شطة الدميقراطية امل سيحية يف املجالت لجتماعية واخلريية فح سب. ويف املن شور البابوي املو سوم ب غرافي س دي كوموين Graves : de communi حول الدميقراطية امل سيحية )1901( حيث أخذت وثيقة بابوية لأول مرة موقفا من الدميقراطية امل سيحية رف ض البابا ليو الثالث ع رش الدميقراطية امل سيحية كحركة سيا سية وطالب بالمتناع الكل ي "عن كل ما من ساأنه أن ي ضفي على م سمى الدميقراطية امل سيحية بعدا سيا سيا." وبرر ذلك بالر أي أن "قوانني الطبيعة والإجنيل يجب أن تكون م ستقلة عن أي شكل من أ شكال د ستور دولة لأن طابعها الت رشيعي يرتفع عن تقل بات احلياة الإن سانية. ولكن عليها أي ضا أن تتالءم مع كل شكل من أ شكال الدولة طاملا أن هذه ل تتنافى مع الأخالق احلميدة ومبادئ العدل." وبالتايل وجب على الإن سان الكاثوليكي أن يحرتم حياد الكني سة يف م س أالة شكل الدولة ونظام احلكم و أن ميتنع عن تف ضيل شكل معني على آخر وم ساندة حتقيقه. هذا وقد انح رص مفهوم البابا ليو الثالث ع رش للدميقراطية امل سيحية ضمن املن شور املذكور يف أهداف اجتماعية حم ضة دون سواها بينما أدينت املطالبات املت صلة بال س يا سة والدولة يف نف س ال س ياق بكامل الو ضوح. ذلك أن البابا ليو الثالث ع رش مل س يف هذا املفهوم "نكهة خطرية" مبا أنه يكن نزعة إىل حتقيق دميقراطية مبعنى سيطرة ال شعب وبالتايل فهو يتناق ض مع التعاليم الكاثوليكية وموقفها املحايد جتاه أ شكال الدولة مهما كانت. ويف أعقاب القرن التا سع ع رش تعني على الأحزاب امل سيحية باأوروبا وهي يف طور ن س أاتها أن تفر ض نف سها ل فقط حيال القوى الليربالية والربوت ستانتية املحافظة )مثلما هو ال ساأن يف ألمانيا( و إمنا وجب عليها أي ضا جمابهة الفاتيكان الذي ت صد ى يف البداية بحزم لن س أاتها ول "اللعبة" ال س يا سية الدنيوية من أجل ك سب الأن صار و أ صوات الناخبني واملقاعد الربملانية وال سلطة ال س يا سية. من ذلك 16
أن البابا بيو س التا سع )1878-1846( حجر مبقت ضى مر سوم أ صدره سنة 1874 expedit( )non على كاثوليك إيطاليا تعاطي أي نوع من الن شاط ال س يا سي وهو ما أد ى إىل بروز نزاع حاد بني الكر سي البابوي وامل ؤو س سات التي متخ ض عنها فيما بعد حزب الدميقراطية امل سيحية )1994-1942( واحلزب ال شعبي الإيطايل وحزب احلركة الكاثوليكية.Azione Cattolica وهي تنظيمات سيا سية اجتماعية غري كن سية أن ساأت بهدف حتويل الكاثوليكية إىل حركة شعبية من أجل جتديد اجتماعي عادل لل س يا سة واملجتمع وجعل ل شرتاكية كما متار س على أيدي أحزاب ونقابات احلركات العمالية تظهر عقيمة غري ذات جدوى. وحتت ال ضغط الناجم عن التيار الليربايل والثورة ال صناعية من جهة وحركية تاأ سي س منظمات كاثوليكية غري كن سية سيا سية واجتماعية الوجهة يف العديد من بلدان أوروبا الغربية )بلجيكا أملانيا إيطاليا هولندا النم سا سوي رسا( من جهة أخرى انتهى الأمر بالفاتيكان إىل أن غري موقفه املناه ض لتاأ سي س أحزاب م سيحية. وقد لعبت دورا حا سما يف هذا ال صدد من ناحية تعاليم البابا ليو الثالث ع رش يف ال سيا سة وال سيا سة لجتماعية ) أنظر أعاله( ومن ناحية أخرى متكنت احلركة لجتماعية للم سيحية الكاثوليكية حتى نهاية القرن التا سع ع رش من إقامة شبكة كثيفة من اجلمعيات والتعاونيات والنقابات وحتى الأحزاب إىل حد ما التي وفقت يف خماطبة م سيحيني )كاثوليك( سيا سي ا ودجمهم يف هذه ال شبكة ومنحهم "موطنا" سيا سيا واجتماعيا وبالتايل وهو ما يعد يف نظر الفاتيكان أمرا يف غاية الأهم ية ت شكيل م رشوع م ضاد لالأحزاب والنقابات والإيديولوجيات ذات التوجه املارك سي. هذا وقد تطو رت الأحزاب امل سيحية يف أوروبا الغربية باأ سمائها املختلفة من بلد إىل آخر )احلزب لجتماعي امل سيحي يف النم سا واحلزب الكاثوليكي املحافظ يف سوي رسا والدميقراطية امل سيحية يف إيطاليا واحلزب ال شعبي الكاثوليكي يف هولندا وحزب الو سط يف ألمانيا( إىل أحزاب و سطية حمكمة 17
التنظيم لقيت إىل حد كبري امل ساندة من ق سط وافر من الناخبني الكاثوليك ب رصف النظر عن أو ضاعهم لجتماعية أو لقت صادية. فقد متكنت الأحزاب امل سيحي ة الدميقراطية من ا ستقطاب أرباب العمل واملوظفني واحلرفيني و أ صحاب املهن احلر ة والفالحني والعم ال على حد ال س واء وهو ما كانت له أهمية كربى يف جناحها الالحق. فقد حت ص ل حزب الو سط على سبيل املثال بداية من لنتخابات الربملانية ل سنة 1874 وب شكل منتظم على ن سبة تناهز 30 باملائة من الأ صوات مما جعله يحتل با ستمرار ما يرتاوح بني 90 و 100 من مقاعد الربملان الأملاين فاأ صبح ميثل قوة ثابتة يف احلياة ال س يا سية الألمانية على غرار الأحزاب امل سيحية يف البلدان الأوروب ية املجاورة. - 1.1 النظرية الدميقراطية امل سيحية و سيا سة فرتة ما بني احلربني العامليتني بعد نهاية احلرب العاملية الأوىل مل يكتف البابا بينيدكت اخلام س ع رش XV. (1922-1914) Benedikt باإلغاء مر سوم البابا بيو س التا سع Pius.)نون IX إك سبديت : expedit )non بل وافق أي ضا على تاأ سي س حزب م سيحي باإيطاليا. وانطالقا من احلزب ال شعبي الإيطايل الذي أ س سه لويدجي ستورزو Luigi Sturzo سنة 1919 ن ساأ عن حركات الكاثوليكية ال س يا سية و لجتماعية حزب التزم بالتعاليم لجتماعية الكاثوليكية وحتم س لإجناز إ صالحات دميقراطية كتكري س حق املر أة العام يف لنتخاب و أفلح يف تعبئة أع ضاء وناخبني من خمتلف طبقات املجتمع و رشائحه. وفيما يتعلق بالنم سا و ألمانيا فقد كانت فرتة ما بعد احلرب مبثابة حتو لت جذرية يف الأو ضاع ال س يا سية متثلت باخل صو ص هنا وهناك يف نهاية النظام امللكي و إقامة جمهورية دميقراطية. وكان حزب الو سط يرى يف نف سه ح سب اخلطوط التوجيهية العري ضة التي و ضعها عام 1922 "حزبا شعبيا م سيحيا م صم ما على تنفيذ مبادئ امل سيحية يف ال س يا سة واملجتمع ويف لقت صاد والثقافة". وكانت 18
مهامه يف جمايل الت رشيع وال س يا سة الداخلية منبثقة عن "التمثل امل سيحي للد ولة و للتزام املوروث مباهيته حزبا د ستوريا". وهنا يتنز ل رف ضه القاطع لأي "تغيري بالعنف لالأو ضاع القائمة على الد ستور" ويف نف س احلني ل ستبداد الدولة بال سلطة واعرتا ضه على "نفي فكرة الدولة أو إلغائها". كما عرب احلزب عن تاأييده املطلق "لدولة ال شعب الألمانية التي ت شكلت باإرادة ال شعب وفقا ملقت ضيات الد ستور و أحكامه. وبو صفه حامال ل سلطة الدولة يجب على ال شعب أن يكون مفعما بروح امل سوؤولية نحو صالحيات الدولة. لذا ل بد من ت رشيك املواطنني من خمتلف الطبقات 5 املجتمعية يف امل سائل العمومية ب أاق صى ما يكون من الإدارة الذاتية". وبعد نهاية الإمرباطورية الأملانية سعى حزب الو سط إىل تربير النظام الدميقراطي اجلمهوري من منطلق القانون الطبيعي امل سيحي وثابر على املطالبة ب سيادة ال شعب وباحلقوق الأ سا سية للمواطن وت شكيل الإرادة الدميقراطية. كما متثلت نقطة برناجمية أخرى لالأحزاب الدميقراطية امل سيحية يف أوروبا يف فرتة ما بني احلربني يف مطمح تعوي ض ما ضاع من ا ستقرار النظام املنقر ض بدولة قوية لكن دون أن تكون كليانية على لطالق. هذا وقد جتلى يف املن شور البابوي لبيو س التا سع املو سوم ب Quadragesimo" : anno حول تنظيم املجتمع" )1931( الذي لقى ما سبق أن لقيه من شور ريروم نوفاروم novarum( )rerum من صدى كبري احلر ص على التمييز بني صالحيات الفرد واملجتمع والدولة يف احلياة اجلماعية و إيجاد معايري تنظيمية لتوزيع امل سوؤوليات. ول ريب أن هذا املن شور البابوي بت ضم نه مبد أ التدخل عند ال رضورة فقط قد بلور املبد أ الأخالقي لجتماعي وال س يا سي التنظيمي البالغ الأهمية بالن سبة إىل احلركة الدميقراطية امل سيحية. وهو املبد أ الذي ساهم بعد 5 اخلطوط التوجيهية العري ضة حلزب "الو سط" )1922( عن : 486-489 (1960 : )Mommsen 19
1945 يف حتديد برامج الدولة وال سيا سة لقت صادية و لجتماعية ملعظم الأحزاب امل سيحية كما تم اعتماده لحقا يف برجمة الأحزاب ل شرتاكية الدميقراطية ويف ن ص اتفاقية ما سرتخت املوؤ س سة لالإحتاد الأوروبي سنة 1992. إن مبد أ التدخل عند ال رضورة فقط )Subsidiaritätsprinzip( هو بالأ سا س مفهوم مناوئ لهيمنة الدولة. وهنا يكمن لب الأخالقيات لجتماعية امل سيحية. وكما ر أينا أعاله فاإن م صطلح Subsidiarität م شتق من اللفظة الالتينية subsidium )مبعنى : إحتياطي أو بديل(. وح سب مبد أ التدخل عند ال رضورة فقط فاإن حتقيق احلرية ي شرتط أول م سوؤولية ذاتية يف ممار سة احلياة. لذلك فاإنه من ال رضوري أن تتقم ص الوحدات الأ صغر يف املجتمع كالعائلة واجلماعات أوالبلديات دور الفاعلني احلقيقيني يف احلياة لجتماعية و أن يكون بو سعها الت رص ف يف حياتها مب سوؤولية ذاتية. وعلى هذا الأ سا س يتعني على الدولة أن تتخلى عن أخذ مهام على عاتقها بو سع الفرد أو اجلماعات ال صغرية أن تتعهدها. بحيث أن كل ما ي ستطيع املواطن إجنازه بنف سه يف اطار عائلي أو بالتعا ضد الطوعي مع الغري ينبغي أن يرتك له. وتقف الدولة والوحدات لجتماعية الفوقية يف البداية موقفا "حتفظيا احتياطيا" ول تتدخل إل عندما تكون الوحدة الأ صغر عاجزة عن القيام ب ساأنها مب سوؤولية ذاتية. وهكذا يت ضح أن مبد أ التدخل عند ال رضورة فقط يقرتن مببد أ الكفاءة امل سوؤولة الذي يلتقي أي ضا مع فكرة النظام الفيدرايل. إن املن شور البابوي anno" "Quadragesimo يعك س يف ذات احلني ازدواجية الكاثوليكية لجتماعية وال س يا سية. فرغم أن الوثيقة ترب أت من الفا شية )الإيطالية( ورف ضت الكليانية فاإنها تقيدت بال ص مت فيما يتعلق بال س يا سة التنظيمية. وعلى غرار املن شور البابوي فقد صمتت تعاليم الكاثوليكية يف ال س يا سة واملجتمع يف فرتة ما بني احلربني ومل تقدم اجلواب عن م ساألة التاأمني املبدئي للحقوق الأ سا سية ال س يا سية الدميقراطية و لقت صادية. 20
ورغم أن حزب الو سط يف ألمانيا كان يقف بثبات على أر ضية د ستور دولة فايمار معرتفا بوفاء بالدميقراطية الربملانية وداعما لتعزيز رصح الدولة لجتماعية فاإن ذلك مل يحل دون حمق اجلمهوريتني الفتي تني حمقا يف كل من ألمانيا والنم سا وقد انهكهما ال رصاع الذي كان م ستعرا بني منا رصي الدميقراطية الربملانية و أعدائها. ويف خ ضم املواجهة بني مناه ضي الدميقراطية من فا شيني ونازيني من جهة وال شيوعيني وموؤيديهم من جهة أخرى وقفت الأحزاب امل سيحية إىل جانب الدميقراطيني ودخلت يف حتالفات مع خ صومها ال سابقني من الأحزاب الليربالية واملحافظة. ومع ذلك مل تتمك ن من منع الفا شيني والنازيني من ل ستيالء على ال سلطة. وكان احلزب ال شعبي الإيطايل قد تعر ض منذ سنة 1926 للحل من قبل مو سلليني, و ألقي القب ض على أمينه العام أل سيدى دي غا سباري Alcide De Gasperi )انظر 4.3(. أم ا يف ألمانيا فقد أمر وزير الدعاية النازي غوبل س Joseph Goebbels قيادة حزب الو سط "باإغالق حمل هم" على الفور قائال أنه لن يقف مكتوف الأيدي جتاه ما أ سماه "بتجارب" هذا احلزب يف ل صالح لجتماعي. وما هي إل ب ضعة أ شهر بعد ا ستيالء النازيني على ال سلطة يف ألمانيا يف جانفي/يناير/كانون الثاين 1933 وبعد حل حزب الو سط والأحزاب الدميقراطية الأخرى والنقابات عمدت ال سلطات النازية إىل عزل سيا سيني م سيحيني دميقراطيني من وظائفهم ومالحقتهم أو سجنهم كما مت حتجري الأحزاب امل سيحية الدميقراطية يف أنحاء أوروبا حيث فر ض النازيون سيطرتهم. ومثلما هو احلال بالن سبة إىل العديد من ال س يا سيني الدميقراطيني الآخرين ومناه ضي النظام النازي فقد دفع أي ضا سيا سيون من حزب الو سط ونقابيون م سيحيون حياتهم ثمن معار ضتهم للنازيني. - 2.1 الدميقراطية امل سيحية منذ 1945 بعد احلرب العاملية الثانية ظهرت أحزاب دميقراطية م سيحية واجتماعية م سيحي ة يف كل من إيطاليا ولوك سمبورغ وفرن سا والنم سا و ألمانيا وبلجيكا 21
والرنويج. ووقع إعادة تاأ سي سها لحقا يف كل من فنلندا و سوي رسا وهولندا ثم إ سبانيا. أما الأحزاب امل سيحي ة التي انبعثت من جديد يف بلدان أوروبا ال رشقية بعد 1945 فاإنها مل ت ستطع مقاومة ال ضغط امل سلط عليها من لدن احلكام ال شيوعيني إل لفرتة وجيزة. معلومات إ ضافية : الدميقراطية امل سيحية يف الأنظمة ال شيوعية : حزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي )CDU( يف ألمانيا ال رشقية )DDR( بعد أن أعطت سلطة احلماية ال سوفياتية يف منطقة لحتالل اخلا ضعة لها ومن خالل الأمر عدد 2 بتاريخ 10 جوان/يونيو/حزيران 1945 الإذن بتاأ سي س أحزاب سيا سية برز حزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي )CDU( بندائه التاأ سي سي يف 26 جوان/يونيو/حزيران بربلني وكان هدفه بعث حركة م سيحية جامعة للمذاهب دون فرق. وكان من بني ال شخ صيات املوؤ س سة له العديد من الذين قاوموا النظام النازي مثل رئي سه الأول أندريا س هارم س.Jakob Kaiser ياكوب كايزر وخلفه يف املن صب Andreas Hermes إل أنه حتت م على احلزب اجلديد أن ميتثل لتعليمات سلطة احلماية ومراقبتها ساأنه يف ذلك ساأن مناف سه املدين احلزب الدميقراطي الليربايل بحيث مل تتوفر منذ البداية إمكانية تعاطي ن شاط حزبي بحر ية. لقد جرى كل شيء يف اجتاه إر ساء نظام شيوعي يف منطقة لحتالل ال سوفياتية أو جمهورية ألمانيا الدميقراطية على املنوال ال سوفياتي وذلك من خالل إق صاء الأحزاب الدميقراطية وال سيطرة على املراكز والوظائف القيادية يف الإدارة العمومية ويف املوؤ س سات لجتماعية وكذلك من خالل التاأميم الراديكايل للتجارة وال صناعة والقطاع البنكي. وقد حاول ال س يا سيون 22
املدنيون يف البداية فر ض أنف سهم من باب املعار ضة والت صد ي لهذا التوجه مثلما رص ح به ياكوب كايزر يف كلمته ال شهرية خالل املوؤمتر الثاين حلزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي مبنطقة لحتالل ال سوفياتية يف شهر سبتمرب/ أيلول : 1947 "يجب علينا ول بد لنا أن نكون ال س د املنيع للمارك سية الدغمائية ونزعتها الكليانية." )SED( املوحد وحزب الدولة ل شرتاكي ال سوفياتية ال سلطات أن إل باألمانيا ال رشقية ضاعفوا إبان تاأ سي س هذه الدولة يف شهر أكتوبر/ت رشين الأول 1949 من إجراءاتهم ل ستبدادية ضد ال س يا سيني الدميقراطيني م ستعملني طرق التهديد والوعيد والإيقاف التع سفي والرتهيب اجل سدي والنف ساين لإرغام ال س يا سيني املدنيني على ل ست سالم لالأمر املق ضي والر ضوخ أو ترك ما لهم من وظائف والفرار إىل الغرب يف كثري من الأحيان. وبهذا فقد خ رس فرع لحتاد الدميقراطي امل سيحي باأملانيا ال رشقية إىل غاية أكتوبر/ت رشين الأول 1950 ما ل يقل عن 25 باملائة من أع ضائه كما أجرب خالل موؤمتره ال س اد س يف أكتوبر/ت رشين الأول 1952 بربلني على لعرتاف "غري امل رشوط" بحق الريادة حلزب الدولة ل شرتاكي املوحد.)SED( ومنذ ذلك احلني ظلت ال ص ورة اخلارجية حلزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي يف جمهورية ألمانيا ال رشقية مطبوعة بتاأثري كوادر موالني حلزب الدولة ل شرتاكي. و أعرب احلزب يف نظامه الأ سا سي عن "ولء لال شرتاكية" وعزم على "التعا ضد املبني على الثقة مع حزب الطبقة ال شغيلة". وقد أدى هذا ل ستعداد املفرو ض بطبيعة احلال لالإذعان و لن صياع حيال احلزب )Einheitsblock( ودوره القيادي يف "الكتلة املوحدة" SED املوحد ل شرتاكي إىل ت شبيه أع ضاء حزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي عامة ب"عازيف الناي" Blockflöten( أي - ذوي الدور املهم ش(. إل أنه لبد هنا من التفريق بني النخبة القيادية للحزب من جهة والأع ضاء العاديني من جهة أخرى. 23
فالكثري من امل سيحيني يف دولة ألمانيا ال رشقية كانوا يرون يف حزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي املنفذ الوحيد لتاليف ال ضغط املبا رش امل سلط من احلزب.SED املوح د ل شرتاكي وهكذا توا صلت طيلة اخلم سينيات وال ستينيات معار ضة فئات عري ضة من قاعدة فرع لحتاد الدميقراطي امل سيحي ال رشقي جتاه احلزب ل شرتاكي املوحد و أي ضا جتاه ان صياع قيادة حزبهم له وتاأقلمهم معه. من ذلك أن نقدا شديد اللهجة صدر من صفوف هوؤلء الأع ضاء حيال أحداث خطرية ح س ا سة يف تاريخ دولة أملانيا ال رشقية مثل لنتفا ضة ال شعبية يف جوان/يونيو/حزيران أو 1953 إقامة جدار برلني سنة أو 1961 التدخل الع سكري ال سوفياتي يف ت شيكو سلوفاكيا سنة أو 1968 إعالن حالة الطوارئ يف بولونيا عام 1981. هذا وقد انطوى الفرع ال رشقي لالحتاد الدميقراطي امل سيحي على طاقة معار ضة ضمنية كامنة رشعت ت ستفيق رويدا رويدا منذ منت صف الثمانينيات على خلفية التوج ه نحو سيا سة "ال شفافية" و"التجديد" يف الإحتاد ال سوفياتي واحلركات الإ صالحية يف بولونيا واملجر وكذلك من جراء أن شطة ما عرف ب "حركة ال س الم امل ستقلة" يف ألمانيا ال رشقية. وقد حتو لت "ر سالة فاميار" التي توج ه بها أربعة من أع ضاء حزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي وجميعهم م سيحيون موؤمنون منتمون إىل الكني سة الربوت ستانتية يف العا رش من سبتمرب/ أيلول إىل 1989 قيادة حزبهم إىل قطب جامع للمطالبة القاعدية الوا سعة بالإ صالح والتغيري. ويف الثاين من نوفمرب/ت رشين الثاين أ ضطر 1989 رئي س احلزب جريالد غوتينغ Gerald أمام Götting ضغط املنادين بالإ صالح إىل ل ستقالة من من صبه الذي احتفظ به دون انقطاع منذ 1966. ويف نف س ال شهر املذكور قام لحتاد الدميقراطي امل سيحي بحذف اعرتافه بالدور القيادي للحزب ل شرتاكي املوحد من نظامه الأ سا سي وا ستقال عن "الكتلة الدميقراطية املركزية" التي 24
كانت حتت هيمنة حزب.SED ثم تقدم خالل موؤمتر حزبي ا ستثنائي انعقد بربلني يف 15 و 16 دي سمرب/كانون الأول 1989 ب صفته حزبا متجد دا من حيث الأ شخا ص والربجمة والتنظيم. كما أنه اعرتف بن صيبه من امل سوؤولية يف ما شهدته ألمانيا ال رشقية من زيغ وتطو رات خاطئة سلبية وترب أ من ل شرتاكية كما عرب عن تاأييده ملبد أ دميقراطية الد ولة والأحزاب وتبن ى مبد أ اقت صاد ال س وق لجتماعي ووحدة الوطن الأملاين. ويف انتخابات جمل س ال شعب )برملان ألمانيا ال رشقية( يف 18 مار س/ آذار 1990 متكن لحتاد الدميقراطي امل سيحي ضمن الكتلة لنتخابية "التحالف من أجل ألمانيا" من حتقيق فوز باهر بح صوله على ن سبة 40,6 باملائة من الأ صوات واعتلى رئي سه لوتار دي مازيار Lothar de Maizière من صب الوزير الأو ل. ومن خالل اعتماد عملة واحدة واقت صاد واحد ونظام اجتماعي واحد ومن خالل لتفاق حول الوحدة ومعاهدة 2+4 قاد دي مازيار جمهورية ألمانيا الدميقراطية إىل لندماج مع جمهورية ألمانيا لحتادية طبقا للمادة 23 من القانون الأ سا سي وبالتايل إىل الوحدة الألمانية التي حتققت يوم الثالث من أكتوبر/ت رشين الأول 1990. وقبل يومني فقط تم خالل موؤمتر حزبي بهامبورغ توحيد فرعي لحتاد الدميقراطي امل سيحي الغربي وال رشقي ليغدو حزبا ألمانيا شامال. لقد كان للتجارب التي عا شتها أوروبا الغربية يف ظل الأنظمة الكليانية أي أنظمة احلكم النازية وال شيوعية دور حا سم يف صعود الدميقراطية امل سيحي ة. فلقد أد ت هذه التجارب يف نهاية املطاف إىل تبن ي الدميقراطية ب شكل غري حمدود مبا في ذلك من قبل الفاتيكان. وهكذا ف إان د ستور الق ساو سة املعروف ب (1965) Spes Gaudium et املنبثق عن املجمع الفاتيكاين الثاين )1965-1962( ين ص بكل و ضوح على أن الدميقراطية القائمة على احلر ية ودولة القانون 25
والف صل بني ال س لطات متثل شكل احلكم الذي يتيح بحكم ذاته أف ضل ال رشوط واملقومات لتاأمني احلقوق الأ سا سي ة وال س يا سية ل أال شخا ص و ضمان ال ص الح العام. كما ت شد د الوثيقة على حق حر ية التجم ع وت أا سي س اجلمعيات والتعبري عن الر أي إىل جانب حق لنتماء إىل ديانة سواء على امل ستوى اخلا ص أو العام. و أقر ت الوثيقة بتعبري جلي باأن "يرتك اختيار احلكام لإرادة املواطنني أنف سهم" )فاتيكان 1965 الباب الرابع ول سيما النقاط 75-73 ل ست شهاد م ستمد من النقطة 74). ومل ت سفر التجارب املت صلة بالدكتاتورية وخطر عودتها باعتبارها م سببات ف شل الدميقراطية يف ثالثينيات القرن الع رشين ومطمح امل شاركة ال س يا سية للمواطنني عن اعرتاف الفاتيكان رصاحة بالدميقراطية وف ضلها فح سب بل إنها دع مت أي ضا ب شكل حا سم فكرة بعث حزب " شعبي" دميقراطي أي منط حزب يجمع شمل ممثلني عن كافة املهن وخمتلف فئات املجتمع ويف نف س احلني كل املذاهب الدينية. وانتهت فكرة احتاد دميقراطي م سيحي يتجاوز تناق ضات مزمنة قدمية إىل صياغة فعلية كربنامج يف تاأليف بني نظام ليربايل لل س وق واملناف سة من ناحية ونظام اجتماعي من ناحية أخرى )وهذا ما عرف يف ألمانيا لحتادية باقت صاد ال س وق لجتماعي(. 6 أم ا تنظيميا 6 مل تربط الكني سة الربوت ستانتية إل يف مطلع ال ستينيات بتقاليد املنا شري البابوية لجتماعية. وقد مت سنة أو 1962 ل مذكرة حتت عنوان "امللكية اخلا صة وامل س ؤوولية لجتماعية" تبعتها يف الأثناء مذكرات أخرى. وبذلك مت جتديد وتعميق احلوار املعموري بني املذهبني وكذلك احلوار بني الكني سة الربوت ستانتية وال سيا سة ل سيما مع الدميقراطيني امل سيحيني. وقد بلغ هذا التطور ذروته الأوىل من خالل املن شور البابوي لجتماعي املو سوم ب Centesimus Annus ومن خالل مذكرة الكني سة الربوت ستانتية الأملانية "ال صالح العام و ل ستفادة ال شخ صية - املمار سة لقت صادية يف كنف امل س ؤوولية جتاه امل ستقبل" وكالهما ن رش سنة 1991, أي يف ذكرى مئوية املن شور البابوي Rerum Novarum وكالهما ذو صلة ضيقة مبفهوم اقت صاد ال سوق لجتماعي. ثم جاء بعد ذلك سنة أو 1998 ل "خطاب م شرتك للكني ستني "حول الو ضع لقت صادي و لجتماعي" ويعد ذلك مثال على التعاون املعموري بني املذهبني ملا له من تاأثري كبري على اجلدل ال سيا سي ) أنظر يف هذا ال صدد : 1994 و 1991.)Weigelt 26
فقد حتققت فكرة الوحدة لدى حزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي أي ضا CDU يف ان شاء حلقة عمل بروت ستانتية م شرتكة بني حزبي CDU وCSU ) لحتاد لجتماعي امل سيحي( سنة 7 1952 من قبل الرئي س ال س ابق للربملان الألماين هارمان اهلر س.Hermann Ehlers وكان الغر ض من تكوين هذه الهيئة يكمن منذ البداية يف ك سب الربوت ستانت لأهداف احلزبني املذكورين وللم شاركة يف أعمال هذا أو ذاك منهما )دون افرتا ض الع ضوية فيهما( ثم أي ضا يف خلق قاعدة خا ص ة ب س ؤوونهم يف صلب احلزبني ذوي الأغلبية الكاثوليكية بالإ ضافة إىل الرغبة يف تو سيع العالقة بالكنائ س الربوت ستانتية وتوطيد التعاون املبني على الثقة بني املذهبني داخل حزبي CDU وCSU. أما فيما يتعلق بالأ س س املعيارية املحد دة للربجمة ال سيا سية للدميقراطية امل سيحية فهي مبنية على مبادئ الأخالقيات والثقافة/احل ضارة الغربية امل سيحية. هذا وت شدد برامج الدميقراطية امل سيحية بعد 1945 بكل جالء أكرث مما شهدت فرتة ما بني احلربني على املبادئ امل سيحي ة املركزة على ال شخ صية الب رشية: م سوؤولية الفرد وحقوقه غري القابلة للم ساومة التي تقف عند حدها سلطة الدولة واحلق الفردي يف احلر ية ال سيا سية و لقت صادية والدينية. وقد ترتب تزايد الت شديد على فكرة احلر ية بعد 1945 والإميان املطلق بحقوق الإن سان وبعدم الإخالل بها ومببادئها على التجارب ال سلبية التي رافقت النازية وال شيوعية والفا شية وغريها من الأنظمة ال سلطوية ال شمولية. وهكذا فقد شكلت الأفكار امل سيحية الليربالية قو ة م ضاد ة مل شاريع تطويع الفرد وحتقريه با سم ال شعب أو احلزب أو الأمة أو الطبقة لجتماعية أو ما شابه ذلك من الإيديولوجيات ال شمولية. 7 Evangelischer Arbeitskreis (EAK) 27
معلومات إ ضافية : الدميقراطية امل سيحية يف أمريكا الالتينية تعود أ صول الدميقراطية امل سيحية يف أمريكا الالتينية إىل ظهور منظمات طالبية كاثوليكية يف ثالثينيات القرن الع رشين حتت تاأثري تعاليم الأخالقيات لجتماعية الكاثوليكية واملنا شري البابوية ذات البعد لجتماعي. وترتبط احلركات لجتماعية امل سيحية وما اجنر عنها لحقا من أحزاب اجتماعية م سيحية ارتباطا متينا با سمي الرئي سني الالحقني لدولتي ال شيلي وفنزويال: ادواردو فراي مونتالفا (1982-1911) Eduardo Frei Montalva ورافاييل كالديرا رودرغاز (2009-1916). Rafael Caldera Rodriguez وقد مهدت أحداث رئي سية لتاأ سي س الأحزاب الأوىل منها أهمها موؤمتر حركة الطالب الكاثوليك املنعقد بروما يف الفرتة بني 1934/1933 والأزمة لقت صادية العاملية يف مطلع ثالثينيات القرن الع رشين. وحتت تاأثري الأزمة لقت صادية العاملية ونظرا إىل ال س يا سة لقت صادية الليربالية حلزب املحافظني يف ال شيلي الذي كان ميثل باخل صو ص م صالح كبار املالكني العقاريني ان شطرت املنظمة ال شبابية حلزب املحافظني. وقد ن شطت أول الأمر حتت ا سم "الكتائب القومية" Falange Nacional قبل أن تتحول إىل حزب سيا سي بداية من 1938 متبنية بالأ سا س أفكارا خريية إن سانية واجتماعية م سيحية و ساعية اىل حت سني الو ضع لجتماعي لفقراء احلال. وبعد حوايل سنة 20 )1957( انبثق عن "الكتائب" احلزب الدميقراطي امل سيحي بال شيلي الذي انتخب على ر أ سه ادواردو فراي سنة 1964 فكان أول رئي س دميقراطي م سيحي باأمريكا الالتينية. أما يف فنزويال فقد ت شكل بقيادة رافاييل كالديرا سنة 1945 ما يعرف ب "جلنة التنظيم ال س يا سي لنتخابي امل ستقل" Comité de Organizacion 28
(COPEI) Politico Electoral Independiente التي انبثقت هي الأخرى عن حركة ال شباب اجلامعي الكاثوليكي لالإ صالح لجتماعي والتي ت سمت بعد مرور ثالث سنوات Comité Organization Politica Electoral )مع لحتفاظ بنف س لخت صار :.)COPEI ويف الفرتة املرتاوحة من منت صف اخلم سينيات إىل مطلع ال ستينيات من القرن الع رشين تبع ت أا سي س أحزاب أخرى دميقراطية م سيحية يف بلدان أخرى كالبريو وبوليفيا وال سلفادور وباراغواي وباناما وجمهورية الدومينيك و أورغواي وكو ستاريكا وكولومبيا. وبلغت الدميقراطية امل سيحية باأمريكا الالتينية ذروتها يف غرة دي سمرب/كانون الأول 1968 بفوز رافاييل كالديرا برئا سة دولة فنزويال ف أا صبح ثاين دميقراطي م سيحي يعتلي سد ة حكم دولة باأمريكا الالتينية. أم ا من حيث الربامج فقد جتندت الأحزاب الدميقراطية امل سيحية باملقام الأول للتوازن لجتماعي بتقلي ص الفوارق لجتماعية املفرطة و إ صالح املنظومة الرتبوية والقطاع الزراعي وبعث نظام اقت صادي متنوع يف سح املجال إىل جانب أمالك الدولة لتعا ضديات وم ؤو س سات اقت صادية متو سطة ويعطيها قيمة متميزة ) أنظر مثال : los( Klaus Weigelt : Una comparacion de.)programas del PDC chileno y de la CDU alemana. Santiago de Chile, 2008 وقد مت يف فرتة رئا سة كل من ادواردو فراي ورافاييل كالديرا ت أاميم أجزاء كبرية من قطاعات صناعية ح س ا سة ك صناعة النحا س و إنتاج النفط. ومثلت مفاهيم الدميقراطية واحلر ية والعدالة والت ضامن )وماانفكت متثل( مبادئ توجيهية تت صد ر برامج الأحزاب الدميقراطية امل سيحية باأمريكا الالتينية. بيد أنه ونظرا إىل سيا ستها الدميقراطية واملتجهة نحو إقامة توازن اجتماعي فقد كانت الأحزاب الدميقراطية امل سيحية يف أمريكا الالتينية عر ضة ل "حرب على جبهتني". فكثريا ما كانت القوى اليمينية )اجلي ش وكبار املالكني العقاريني و أرباب ال صناعة ومنظمات الأعراف وحتى املحافظني إىل حد ما( 29
ترى فيها أعداء لنظام احلكم ناعتة أع ضاءها بالرومان سيني لجتماعيني أو وعلى الإجمال ب"ال شيوعيني" فتح رشهم إذن يف شق الي سار. وبدوره اعتاد هذا ال شق أن يعيب عليهم قلة "اندفاعهم الثوري" معتربا إياهم بالأحرى سندا للنظام احلاكم وبالتايل للنخب املناوئة للدميقراطية. زد على ذلك ما كانت جل الأحزاب الدميقراطية امل سيحية تالقيه من عناء يف تاأمني قاعدة متينة من الأن صار الأوفياء. فبالرغم من اجلهود العملية والربجمية التي كانت تبذلها الأحزاب ذات التوج ه الإ صالحي لجتماعي وبالرغم مما س ج ل من منو اقت صادي ملحوظ كاد ينعدم بروز طبقة متو س طة متتاز بال ستقرار وتنخرط يف الن شاط ال س يا سي. ثم إن بع ض الأحزاب الدميقراطية امل سيحية كحزب COPEI يف فنزويال اهرت أت و أنهكت يف ممار ستها احلكم من حيث الأ شخا ص وامل ضمون أو أنها على غرار الأحزاب الدميقراطية امل سيحية بنيكاراغوا أخفقت يف مهمتها إما بفعل ذاتها أو ب سبب ظروف العمل العوي صة يف البالد. هذا وقد لقيت جل الأحزاب الدميقراطية امل سيحية نف سها يف ت سعينيات القرن املا ضي عر ضة ل ضغط قوي با ستثناء حزب الدميقراطية امل سيحية )PDC( يف ال شيلي وحزب العمل القومي )PAN( يف املك سيك الذي مل ي سمح له بحكم قانون الأحزاب املعمول به هناك بالت صاف املبا رش بنعت "دميقراطي م سيحي" رغم أن براجمه جتمع بني عنا رص اجتماعية م سيحية و أخرى ذات وجهة حمافظة وليربالية ورغم تبن يه ال رصيح ملبد أ اقت صاد ال س وق لجتماعي كنموذج يحتذى لل س يا سة لقت صادية ورغم انتمائه إىل جمموعة الأحزاب امل سيحية الدميقراطية باأمريكا الالتينية )ODCA( من جهة واملنظمة العاملية لالأحزاب الدميقراطية امل سيحية )IDC( من جهة أخرى. وعالوة على اخفاقات هذه لحزاب يف احلكم وعلى تقادم قياداتها وخللها التنظيمي و ل سرتاتيجي فقد زاد الطني بلة على غرار ما هو احلال باأوروبا أن فقدت القيم ال س يا سية املبنية على التمثل امل سيحي ل إالن سان الكثري من طاقتها 30
على التعبئة احلزبية والتحريك ال س يا سي وذلك يف سياق ما عرفته أمريكا الالتينية كغريها من بقاع العامل من م سارات التحديث لجتماعي والعلمنة والتفرد. وقد اجنر عن كل هذا أن أ صبحت أحزاب دميقراطية م سيحية عد ة كانت بالأم س قوي ة تفتقد اليوم للقدرة على العمل ال س يا سي الفع ال. بيد أنه يتعني النظر اىل تقل ص أهم ية الأحزاب الدميقراطية امل سيحي ة أي ضا يف سياق التدهور الذي ت شهده الأحزاب عام ة ولي س يف أمريكا الالتينية فح سب. ومن أهم الأ سباب فقدان ما كانت تتمتع به الأحزاب من احتكار ح رصي ل صنع الإرادة ال س يا سية ودور و سائل الإعالم كبديل لالإدلء بالر أي وا ستقاء اخلرب والنزعة املتنامية إىل الت شخ ص وتراجع ساأن الربامج وقلة ثقة املواطنني يف كفاءة ال س يا سة وال س يا سيني باإيجاد احللول. وقد عج لت تطورات تعود م سوؤوليتها إىل الأحزاب الدميقراطية امل سيحية ذاتها منذ ت سعينيات القرن الع رشين يف تراجع هذه الأهمية منها مثال ا شكاليات مرتبطة بالهوية يف حكومات ائتالفية وفقدان امل صداقية جتاه أهل القيادة والتقاع س يف جتديد الربامج وحتيينها وعرقلة م ساع لتحديث الأحزاب ب سبب م صالح شخ صية أو فئوية قوية و إهمال تعزيز احلزب بهياكل فرعي ة تغطي كامل أنحاء البالد وت شمل أو ساطا اجتماعية تتعدى جمرد الطبقة املتو س طة. هذا بالإ ضافة إىل أن الدميقراطيني امل سيحيني غالبا ما ي قر نون بكل ما ي نعت يف أمريكا الالتينية "بالليربالية اجلديدة". وقد عك س هذا التحر ر يف برامج الدميقراطية امل سيحي ة تفرقة بي نة بني جمال م سوؤولية الإن سان امل سيحي واملواطن يف حيز الأ رسة وال س يا سة واملجتمع من جهة و بني املهام وامل صالح الالهوتية الكن سية من جهة أخرى. وعلى أ سا س هذا التمييز تي رص ت للدميقراطية امل سيحية خماطبة مواطنني وناخبني من غري امل سيحيني أو ذوي لرتباط الكنائ سي. وهكذا فقد كان التداخل املذهبي وفكرة احلزب 31
ال شعبي ال شامل وال شخ صاني ة يف امل سيحية من أهم أ سباب النجاح يف أن أ ضحت الأحزاب الدميقراطية امل سيحية يف خمتلف البلدان الغربية قادرة على الفوز بالأغلبية وا ستالم امل سوؤولية احلكومية. ويعني هذا أي ضا ح صول ف صل على م ستوى املهام وتوزيعها بني الكنائ س واجلمعيات واحلركات الكن سية من ناحية والأحزاب الدميقراطية امل سيحية من ناحية أخرى. ومن البديهي أن لقي كل من الفكر ال س يا سي ح سب مبادئ الدميقراطية امل سيحية والتمثل امل سيحي لالإن سان والأخالقيات لجتماعية امل سيحية وقعا ملمو سا يف د ساتري نظام ما بعد احلرب ]العاملية الثانية[. أما ال س وؤال عما هو الوجود امل سيحي وامل سوؤولية امل سيحية يف الواقع امللمو س فال جواب عنه إل من خالل ما ميليه ال ضمري ال شخ صي على انفراد. ومن ساأن علم الالهوت والأخالقيات امل سيحية والكنائ س ومن واجبها أي ضا أن متد بتوجيهات و إ شارات دالة. إل أن املبادئ املكو نة ملفهوم امل سوؤولية يف امل سيحية ل تتفق مع الإيفاء بتعليمات حمد دة و إر شادات ملمو سة من قبل رجال الدين والكني سة. لقد كان لالأفكار ال ص ادرة عن البلدان لجنلو ساك سونية يف العقود الأخرية والقائلة مب سوؤولية الفرد إزاء حميطه )Kommunitarismus( ت أاثري ذو بال على احلوارات حول برامج الأحزاب الدميقراطية امل سيحية يف أوروبا. فانطالقا من نزعات اجتماعية معا رصة كاندثار الفكر القائم على لرتباط باملجموعة وا ضمحالل فئات جمتمعية وتقهقر احلما س املبني على روح املواطنة رمت هذه الأفكار من باب الت صدي الت صحيحي ملا ت شهده جمتمعات ع رصية من نزعة تفر د م شطة إىل إعادة إحياء عقلية الت ضامن والتكافل مع املجموعة والعمل يف صاحلها. وهكذا فاإن هذا املذهب )Kommunitarismus( باأفكاره القائلة باملجموعة ودعوته اىل تعزيز املبادرات التطوعية وال ص ادرة عن روح املواطنة يتفق مع مبادئ الفكر الدميقراطي امل سيحي وامل سيحي لجتماعي. إذ ل ميكن من منظور التاريخ والتاريخ الفكري ف صل البعد امل سيحي عن التطورات 32
التي ت شهدها الكني سة واملجتمع وال س يا سة مبا أن العقيدة امل سيحية تلق ن دائما عرب الثقافة أي ضا. وبالتايل فاإن الأ س س الإن سانية للح ضارة الأوروبية املتاأ ص لة يف اليهودية والفل سفة الإغريقية وال رشع الروماين ويف امل سيحية وع رص النه ضة وفل سفة ع رص التنوير مل تتطو ر مبقت ضى مناو أة عدائية جتاه امل سيحية بل بناء على جدال حقيقي معها. إن التحدي املرفوع حاليا يف وجه الأحزاب الدميقراطية امل سيحية يتمثل بالدرجة الأوىل ويف ظل تزايد النزعة العلمانية وانحالل متنام لأو ساط اجتماعية يف تقدمي عرو ض وطروحات سيا سية وحلول تعتمد على التوج ه القيمي امل سيحي ويف ذات احلني يف إيجاد أجوبة عن م شاكل عاجلة يف احلياة اليومية ال سيا سية لأغلبية الناخبات والناخبني. وب أاي حال فاإن التمثل امل سيحي لالإن سان وما يرتت ب عليه من قيم جوهرية كاحلر ية والت ضامن والتدخل عند احلاجة والعدالة والتوج ه إىل ال ص الح العام كلها ت شكل قاعدة فكري ة وا سعة لكل النا س مبا فيهم غري امل ؤومنني بعقيدة للم شاركة الفع الة يف ال س يا سة واملجتمع والثقافة. معلومات ا ضافية : تكتالت حزبية عاملية توجد حاليا منظمتان عامليتان تن ضوي حتتهما أحزاب دميقراطية م سيحية و أحزاب مدنية حمافظة و أخرى اجتماعية م سيحية حم سوبة على الو سط ال سيا سي )اليميني( : من جهة املنظمة العاملية لالأحزاب الدميقراطية امل سيحية التي تاأ س ست عام 1961 ب سنتياغو دي شيلي Democrat( Centrist )International - Internationale Démocrate-Chrétienne, CDI-IDC ومقرها يف بروك سل ومن جهة أخرى لحتاد الدميقراطي العاملي IDU-( )International Democrat Union الذي مت بعثه سنة 1983 بلندن ومقره يف 33
أو سلو. وقد تر أ س منظمة CDI-IDC كل من الرئي س الأ سبق للمك سيك في سنته فوك س كوي سادا Quesada( )Vicente Fox والرئي س ال س ابق للربملان ليطايل بري فردناندو كازيني Casini(.)Pier Ferdinando وتقلد مهام الأمني العام ل سباين انتونيو لوبيز اي ستوريز Lopez-Isturiz(.)Antonio ويتزعم احتاد IDU رئي س الوزراء الأ سرتايل ال س ابق جون هاوارد Howard(.)John هذا وتتفرع كلتا املنظمتني إىل أربعة فروع جهوية فيما يتعلق مبنظمة CDI-IDC و إىل ثالثة فروع بالن سبة إىل احتاد.IDU وهي بالن سبة إىل الأوىل ويف افريقيا : املنظمة العاملية لفريقية Africa( )CDI- International وتعد حاليا ع رشة أحزاب أع ضاء ويف منطقة آ سيا واملحيط الهادي منظمة CDI-Asia-( )Pacific وت ضم حاليا 14 حزبا ويف القارة الأمريكية جند املنظمة الدميقراطية امل سيحية باأمريكا America( )Organization Democrata Cristana وينتمي إليها 35 حزبا ويف أوروبا "احلزب ال شعبي الأوروبي" )EVP( الذي ي ضم حاليا 48 حزبا كاملي الع ضوية و ستة أع ضاء بال رشاكة ف ضال عن 18 حزبا ب صفة مالحظ. أم ا املنظمات اجلهوية لالإحتاد الدميقراطي العاملي )IDU( فهي بالن سبة إىل إفريقيا " إحتاد الدميقراطيني باإفريقيا" )DUA( وي شمل 14 حزبا ع ضوا وبالن سبة إىل القارة الأمريكية فهناك " إحتاد الأحزاب الأمريكية الالتينية" )UPLA( ويعد 19 حزبا. ويف منطقة آ سيا واملحيط الهادي جند " إحتاد الدميقراطيني يف آ سيا واملحيط الهادي" )APDU( وينتمي إليه حاليا 14 حزبا. أم ا الفرع الأوروبي فقد متثل اىل غاية أكتوبر 2002 يف " لحتاد الدميقراطي الأوروبي" )EDU( الذي ان صهر يف الأثناء بتمامه يف "احلزب ال شعبي الأوروبي".)EVP( وتكمن الأهداف العليا لكلتا املنظمتني العامليتني يف دعم العمل امل شرتك بني الأحزاب الدميقراطية الو سطية املتقاربة من حيث الربامج ويف دفع التعاون اجلهوي. وبناء على ما حققه م سار التوحيد الأوروبي من تقدم ملحوظ فاإن هذا املرام بلغ لدى "احلزب ال شعبي الأوروبي" )EVP( أ شواطا 34
تتجاوز بكثري ما ح صل للبقية. ول يقت رص هذا احلزب الذي تاأ س س سنة 1976 يف لوك سمبورغ على أن يكون جمر د تكتل لأحزاب دميقراطية م سيحية و أخرى اجتماعية ومدنية حمافظة من خمتلف بلدان أوروبا بل إنه حزب أوروبي ميلك برناجما خا صا به وهياكل ذاتية ونظم عمل رشعية دميقراطيا. وير أ س حزب EVP منذ 1990 الوزير الأول البلجيكي الأ سبق فلفريد مارتن س : Martens ) إنظر Wilfried 6-4(. أم ا الهيئة العليا ألخذ القرار فهي املوؤمتر الذي يلتئم مر ة كل سنتني على الأقل بقرار من الهيئة املديرة وذلك لنتخاب الرئي س ونائب الرئي س و أمني املال والأمني العام )وهوؤلء ي شكلون بالإ ضافة اىل رئي س كتلة احلزب بالربملان الأوروبي الهيئة القيادية للحزب( وللت صويت على اخلطوط ال س يا سية العري ضة وعلى الربنامج احلزبي وما يقت ضيه احلال من تغيري يف النظام الأ سا سي. وتندرج الع ضوية يف احلزب ال شعبي الأوروبي يف أربعة أ صناف : أع ضاء كاملون و أع ضاء رشكاء و أع ضاء مالحظون و أع ضاء م ستقلون. ويجوز أن يكون الأع ضاء الكاملون أحزابا دميقراطية م سيحية أو قريبة منها من بلدان لحتاد الأوروبي إذا كان لها تنظيم يف هذه البلدان وتبن ت برنامج احلزب )EVP( واعرتفت بنظامه الأ سا سي )كما هو من صو ص باملاد ة 4 أ(. أم ا الأع ضاء ال رشكاء فبو سعهم أن ي صبحوا أحزابا إن هم انتموا إىل بلد تقد م بطلب الع ضوية يف لحتاد الأوروبي وتوفرت فيهم رشوط لنخراط الأخرى املن صو ص عليها يف النظام الأ سا سي. وتتمتع الأحزاب ذات الع ضوية بال رشاكة بنف س احلقوق التي تتمتع بها الأحزاب ذات الع ضوية الكاملة با ستثناء حق امل شاركة يف أخذ القرار فيما يتعلق ب سيا سة لحتاد الأوروب ي وهيكلته ومنظومته املوؤ س ساتية ) أنظر املاد ة 13 ج(. و أم ا صفة املالحظ فاإنها يف متناول أحزاب من بلدان لحتاد الأوروبي ومن دول تقدمت بطلب الع ضوية فيه ثم أي ضا من دول وق عت على اتفاقية 1999 لدعم ل ستقرار 35
ببلدان جنوب رشق أوروبا. ولالأحزاب التي لها صفة مالحظ احلق يف امل شاركة يف اجتماعات احلزب ال شعبي الأوروب ي. كما تقع دعوة روؤ سائها و أمنائها العامني إىل ح ضور جل سات هيئات احلزب بو صفهم ضيوفا دون احلق يف الت صويت وهو ما ينطبق أي ضا على الوفود املدعو ة إىل موؤمترات احلزب ال شعبي الأوروبي. أم ا الأع ضاء امل ستقلون فمن اجلائز أن يكونوا أ شخا صا م ساندين ب شكل متمي ز للحزب ال شعبي الأوروبي رشيطة أن يكونوا منتمني إىل أحد الأحزاب الأع ضاء ويحق لهم الت صويت يف أجهزة حزب إذا EVP كانوا نو ابا بالربملان الأوروبي. ويف املجمل لي س هناك حاليا سوى شخ صا 130 تنطبق عليهم هذه ال ص فة. ومن بني الأحزاب الأوروبية فاإن احلزب ال شعبي الأوروبي EVP ي شكل بجمعياته ال س بع الكيان اجلمعياتي الأكرث تنو عا وهي : اجلمعية الأوروبية لل س يا سة البلدية واجلهوية )EKRPV( الإحتاد الأوروبي لل شغالني الدميقراطي ني امل سيحي ني )EUCDA( اجلمعية الأوروبية للطبقة الو سطى و لقت صاد )EMWV( الإحتاد الأوروبي للم سن ني )ESU( اجلمعية الن سائية للحزب ال شعبي الأوروبي الطلبة الأوروبيون الدميقراطيون )EDS( ومنظمة ال شباب.)YEPP( و بهذه اجلمعيات التي توحي إىل حد كبري بجمعيات حزب لحتاد الدميقراطي امل سيحي الأملاين ي سعى احلزب ال شعبي الأوروبي إىل أداء دوره كحزب جماهريي شامل باأمت معنى الكلمة موؤهل لتعبئة فئات اجتماعية شتى وقدير على التعديل واملوازنة بني م صالح متباينة. ويف الربملان الأوروبي املنبثق عن انتخابات 2009 يوفر احلزب ال شعبي الأوروبي EVP بن سبة 265 نائبا من أ صل أكرب 736 الكتل الربملانية. وير أ س هذه الكتلة جوزيف دول Daul( )Joseph من احلزب الفرن سي " لحتاد لأجل حركة شعبية".)UMP( امل صدر : مقال لأ صحاب العمل باعتماد معطيات م ستمدة من : (2005) Gehlen 36